ملخص المقال
عاش الإمام أبو القاسم القشيري في كنف الدولة السلجوقية، وكان فقيهًا بارعًا، حافظًا، مفسّرًا، نحويًا لغويًا، وقد أجمع أهل عصره على أنه سيد زمانه.
الإمام القشيري هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك ابن طلحة النيسابورى القشيري، من بني قشير ابن كعب، أبو القاسم، الملقب بزين الإسلام، كان زاهد صوفي، وسيد وقته في كل فن، وشيخ خراسان في عصره، أحد العلماء بالشريعة، والحقيقة، والفروسية، والوعظ، والكلام، والتصوف، والمعاملات، وأحوال القلوب، وُلد سنة 376هـ= 986م.
الإمام القشيري مات أبوه وهو طفل، وقد نشأ واعتنى بالفروسية، والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك وأصبح له في الفروسية واستعمال السلاح الآثار الجميلة، وقد قرأ الأدب والعربية، وسمع الحديث من مشايخ عصره، ثم أخذ طريق التصوف، وأصبح فقيهًا بارعًا أصوليًا، محقّقًا متكلّمًا، سُنّيًا محدّثًا حافظًا، مفسّرًا، متفنّنًا، نحويًا لغويًا، أديبًا كاتبًا شاعرًا، مليح الخطّ جدًا، فأجمع أهل عصره على أنه سيد زمانه، وقدوة وقته، وبركة المسلمين في ذلك العصر.
عاش أبو القاسم القشيري في كنف الدولة السلجوقية في زمن السلطان ألب أرسلان الذي كان يقدمه ويكرمه، فبقي في آخر عمره مرفهًا محترمًا، مطاعًا معظمًا، وكانت تقرأ عليه كتبه وتصانيفه، وبلغ المنتمون إليه آلافا فأملوا بذكره وتصانيفه أطرافًا، ولـما مرض لم تفته ولا ركعة قائمًا، بل كان يصلّي عن قيام إلى أن توفي رحمه الله في465هـ= 1072م، وله الكثير من التصانيف منها: التيسير في التفسير ويقال: له التفسير الكبير، ولطائف الإشارات، والرسالة القشيرية.
قال عنه الخطيب: حدّث ببغداد، وكتبنا عنه، وكان ثقة، وكان يعظ، وكان حسن الموعظة، مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعريّ، والفروع على مذهب الشافعي.
وقال عنه أيضًا عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي: هو الإمام مطلقًا، الفقيه المتكلم الأصولي، المفسّر الأديب النحوي، الكاتب الشاعر، لسان عصره وسيّد وقته وسر الله بين خلقه، شيخ المشايخ وأستاذ الجماعة، ومقدّم الطائفة، ومقصود سالكي الطريقة، وبندار الحقيقة، وعين السادة، وحقيقة الملاحة، لم ير مثل نفسه، ولا رأى الـراءُون مثله في كماله وبراعته، جمع بين علم الشريعة والحقيقة، وشرح أحسن الشرح أصول الطريقة.
وقال أيضًا أبو تراب المراغيّ: رأيته في النوم، فقال: أنا في أطيب عيش وأكمل راحة، وقال غيره: كانت له فرس يركبها، فلما مات امتنعت عن العلف، ولم تطعم شيئا، ولم تمكّن راكبا من ركوبها، ومكثت أياما قلائل على هذا بعده إلى أن ماتت[1].
[1] الذهبي: تاريخ الإسلام، تحقيق: دكتور بشار عوّاد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2003م،10/ 218- 220، وشمس الدين الداوودي: طبقات المفسرين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1/ 344- 352، والزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر، 2002م، 4/ 57، 58.
التعليقات
إرسال تعليقك